الأحد، 21 سبتمبر 2008

إنا لله وإنا إليه راجعون









بقلوب ملؤها الرضا بقضاء الله والتسليم له نتقدم بالتعازي التامة لأسر جنودنا الشهداء الذين اغتالتهم يد البطش الآثمة والحقد الأثيم،


يد لم تشأ إلا أن تمتد بالغدر إلى ثلة من الجنود الطيبين المسالمين المرابطين على ثغور الوطن المدافعين عن حوزته.


ونحن اليوم إذ نتقدم إلى الشعب الموريتاني بكل فئاته وأعراقه بالتعازي أثر هذه المصيبة،لنؤكد أن يد القاعدة التي امتدت إلى هذه الأنفس البريئية بالذبح في رمضان هي يد مشتبكة مع أيدي الجنرالات الذين تقاعسوا عن نصرة الجنود واشتغلوا عن حماية الوطن بحماية كرسي مغتصب،




إنا لله وإنا إليه راجعون


السبت، 20 سبتمبر 2008

عندما تبستم الغوريلا


عندما تبتسم الغوريلا
عبد الله ولد محمد


لاشيئ سيجعل وجه الليل الدامس منيرا،ولو أوقدت فيه ألف مصباح سيظل الليل في هدوئه وسكونه، وظلامه ليلا دامسا، كما لاشيئ أيضا سيحول الغوريلا إلى غزال شادن مهما وضعت كل مساحيق التجميل على وجهها، ومهما بالغت في الابتسامات والصفراء والحمراء.
سيظل الليل ليلا وتظل الغوريلا قردا – قد يكون غزالا في عين أمه – لكنه لن يكون كذلك في عيون الملايين الذين يبصرون ويسمعون.
وكما لن تنجح الغوريلا في مشوراها التجميلي فإن زيارات الجنرال الباهتة ولو جاب البلاد طولا وعرضا في إقناع أحد بأنه لم يعد مجرد حارس عند الرئيس قام بالاعتداء عليه وسجنه، وأنه شخص غير محظوظ ولايعرف كيف يقيس الأمور ولاكيف يتعامل مع الأشياء وحتى لو ابتسم ألف ابتسامة أو ضحك حتى استلقى على ظهره،سيظل هو كما كان خائر القوى خائفا من مستقبل صنعه بيد لم تعرف القبض على الزناد أحرى العدل وسياسة الأمور

وعندما يحاول الجنرال الخائر القوى أن يتعامل مع الأمور بهذه البساطة واللامنطقية فإنه إنما يبدء صفحة جديدة من كتاب سيرته الذي يصر على أنه يملأه من الأفعال غير المحسوبة والمغامرات المتهورة وفي أحسن الأحوال الانغماس في أفعال ينزه العقلاء عن الانجرار إليها.
قامت عظمته بزيارة خاطفة للحي الساكن في دار النعيم،فاصطف العسكر من القصر الذي اغتصبه إلى الحي الساكن، كان الفقراء ينظرون إلى هذا الطوق الأمني الذي فرض عليهم، وإلى هذه الزيارة التي لنم تبرمج معهم،حتى يتلقوا الوفد الزائر بما يليق من عبارات التبجيل والتكريم،وأفعال التقدير والتعظيم، والتي يعلم الجنرال قبل غيره أنها لن تتجاوز عبارات التنديد الصارم والسخرية القارص وربما امتدت يد فتى طائش إلى بيضة أو حجر فرماها على الموكب المسلح لا بالإيمان بأهدافه والثقة بالقدرة على الإنجاز وإنما بمائات قطع السلاح والرشاشات التي لو وجهت إلى تورين لكفت المؤمنين شر القتال ولأعادت إلى الجيش كرمة ديست في تلك الرمال المتحركة.
زيارة الجنرال للحي الساكن فعل لافائدة فيه وعمل لا معنى له سوى البحث عن شرعية مفقودة،وعن ظهير داخلي بعد أن انقطع الأمل في زحزحة الموقف الخارجي، ومحاولة يائسة لتسجيل موقف مع الجماهير التي لاتعرف أي صبح انشق عن هذا الجنرال حتى ينصب نفسه ملكا على الناس يسجن من شاء متى شاء ويزور من شاء متى شاء.
كان بالإمكان للجنرال الذي يفكر بدماغ دبابة أن يعلم أن وقت الزيارة غير مناسب وأن حر رمضان الكريم غير مناسب لحشد المواطنين المساكين للتفرج على الجنرال وهو يغالب سكرات مشهد انتحاري آخر ويقدم لخصومه حبل مشنقة آخر يلفونه حول عنقه السياسي،التي تحيط بها الأغلال من كل جانب.
حاول الجنرال أن يخترق طوق الرفض التي تحيطه به جماهير نواكشوط الرافضة للانقلاب الفج، حاول المسكين التوجه إلى دار النعيم حيث يعلم أن المقاطعة تضم جماهير حزبي تواصل والتحالف الشعبي التقدمي وكانت النتيجة أن احتشد العشرات من المتفرجة الذين أحبوا أن يروا ولد " عبد العزيز هذا الذي لايريد أن يبقى في الدنيا غيره، والذي لايقيم وزنا لأي شيئ غير طموحاته ومآربه الشخصية وحرصه التام على البقاء ولو في حمأة الطين ومستنقع المشكلات.

كان على الجنرال أن يدخر الجهد الذي بذله والعرق الذي تصبب من جبينه لما هو أهم من زيارة لافائدة فيه سوى الوعود التي كان ولد عبد العزيز ذاته يشهد أيام ولد الطايع على زيفها وكذبها وعلى أنها لن تحقق أي شيئ،فمن السهل أن تعد ومن السهل أن تتوعد أيها الجنرال لكن أفعالك الأخرى تنسف أي قدرة لك على تحقيق الوعد أو إنجاز الوعيد.

زيارة الحي الساكن ليست إلا جزء بسيطا من عملية استعادة غير واعية بل غير موفقة لمنهجية كان العقيد ولد الطايع يعمل على ترسيخها،ولأن الجنرال عزيز ليس إلا صنيعة تامة لولد الطايع ( هو الذي قربه وجعله يترقى في السلك العسكري رغم أنه لم يؤد خدمة عسكرية ذات بال )، كما أنها ليست إلا عملية تجميلية بالغة التعقيد والسخافة لجسم بدأ يتحلل من الداخل وبدأت أوصاله تتآكل كما لو كان مدفونا في الأرض منذ سنين.


لم تنجح الزيارة فأغلب سكان نواكشوط لم يسمعوا بها،وسلطات البلدية الشرعية غابت عنها لأنها لاتعترف بالجنرال الأرعن، ووسائل الإعلام الدولية تجاهلتها، أما أهازيج الإذاعة والتلفزة الرسمية وهمهمات الوكالة البائسة فلن تنجح في تسويقها، إذ لا أحد هذه الأيام يصبر على سخافات الإذاعة والتلفزة،وبالتالي أضاف الجنرال عملية عبثية إلى عبثه االقديم،وسجل أنه سيظل عبئا ثقيلا على الوطن والمواطنين، وعلى العسكر الذين وقفوا في الشمس الحارقة بينما كان الجنرال مستلقيا على كرسيه الوثير في سيارته المكيفة ليلقي كلمة باهتة ويعود بعد ذلك إلى القصر المكين حيث بدأ هناك حارسا استطاع الغدر بكل رؤسائه ليصل إلى منصب يعلم أنه سيكلفه قلقا نفسيا متواصلا وخوفا من قادم آخر ينتزع منه بالقوة وربما بالحق أيضا ما انتزعه هو بقوة بدا للوهلة الأولى أنها خائرة جدا وغير قادرة على المجابهة.

كان الكل يتوقع أن يقوم الجنرال بزيارة لتورين،أو أن يقرأ الفاتحة على أرواح الجنود المخطوفين أو أن يتخذ أدنى موقف يحفظ البقية الباقية من ماء الوجه المتكلس، لكن الجنرال في شغل عن كل ذلك،همه تثبيت كرسي أقامه على سيقان من الغضب والغدر والخوف والقلق فلا يمكن أن يستقيم أبدا ولو حملته الرجال على أكتافها فقريبا سيشعرون أن الجنرال – بفعل الإقامة الدائمة في القصر – أصبح أثقل مما كان وسيرمون به من على أعناقهم ويتركونه يواجه مصيرا هو من رسمه بانقلابه الفج يوم السادس من أغشت.

سيدي الجنرال أنك عاجز تماما العجز عن صياغة رؤية للتعامل وعقلية التكبر التي ساقتك إلى الانقلاب والتي ستقودك أيضا إلى منفى اضطراري إما خارج السلطة أو خارج الوطن.
لكن مشكلتك الكبرى أنك لاتجد ناصحا يؤكد أنك تبني جسرا على الثرى وأنك منغمس في عملية عبثية جدا وغير جادة ولا مسؤولة، المشكلة أن مرافقيك وأعوانك لايعرفون النصيحة ولو كانوا يحبونك بالفعل لما تركوك تخاطب السفير الأمريكي بما خاطبته به يوم جاءك يقدم إليك تهديدات المجتمع الدولي فحولت الحديث إلى مرافقيك " وخظ عني ذا الكلب " لتلقطها إذن سفير أمريكي غاضب،مرد على احتقار الرؤساء والملوك أحرى الجنرالات الانقلابيين.

عظمة الجنرال المقال محاولاتك التجميلية غير ناجحة بالجملة، وغير موفقة وبإمكانك أن تخلد إلى النوم، إنها في الأول والأخير أفعال عبثية،تماما كما هو الحال عندما تشاهد ابتسامة الغوريلا ... لن تشاهد حينئذ إلا أصول أسنان غير متناسقة مثل حكومتك ونظامك اللاشرعي.

مع الجنرال وأزلامه رد على متسول صحفي





مع الجنرال وأزلامه

عبد الله ولد محمد


"دعني في البدء أعلفك تبنا وماء باردا قبل أن أسمك على الخرطوم وأكوي جنبيك وأسفك المل يا بشير "

نشرت صحيفة السراج اليومية في عددها رقم 565 الصادر بتاريخ 10- 9- 2008 مقالا للسيد الفاضل البشير ولد بياده خصصه الفاضل للرد على مقالي المنشور في ذات الصحيفة والذي حمل عنوان " الجنرال الذي لايحالفه الحظ" والذي نشره أيضا موقع الأنباء الإخباري،وبما أن المقال حوى بعض الأفكار المهمة والتعابير الرائعة التي تستحق المناقشة والتوقف والتعليق والقبول أو الرد رأيت أن من الواجب علي تجاه أخي الفاضل أن أعود إليه برد جميل يناسبه مقاله الذائع الصيت.

وفي البدء لايسعني إلا أن أؤكد أنني كنت بالفعل أتوقع الرد على " الجنرال الذي لايحالفه الحظ" لكن لم أكن أتوقع أن يكون بهذا المستوى من الضعف والركاكة والترهل الشديد الذي سقط صاحبه في أحابيل قد لايخرج منها سالما

" الآن انتهى علفك" واحمر الميسم فلنبدء في رد تفاهاتك وقبض روحك ونزح سقطاتك "وإذا مات بري ذو نفس سائلة براكد ولم يتغير ندب نزح بقدرهما لا إن وقع ميتا" وأعتقد أنك على وقعت على أم رأسك فاندق عنقك.



يمين " افنيده"



أيها البشير لم لم تف بأليتك وتكفي نفسك شر نسفك وذر رمادك في الهواء، ما يمينك الغموس إلا يمين " افنيده" المشهورة، أما سجعك أيها الكاهن المسكين فقد كان متقطع الأنفاس خائر المعاني ساقط الشكل واهي المضمون وكنت وإياه أشبه بأبي حية النميري وسيفه الكهام المدبب.

وأبو حية أيها المسكين رجل من أمثالك كان من القواعد من الرجال والخوالف الذين لايسيرون في غزو ولا امتيار ولا امتياح ولا في ارتياد كلأ وكان له سيف قصير مدبب كأنه العصا وكانت المغرفة أقطع منه،وكان يسميه " لعاب المنية " ، وكان من شأن الرجل أن دخلت بيته ذات يوم دابة فلما سمع جلبتها في المنزل انتضى سيفه لعاب المنية ووقف عند باب البيت وجعل يشهر سيفه ويقول أيها المغتر بنا والمجترىء علينا،بئس والله ما اخترت لنفسك،خير قليل وسيف صقيل،لعاب المنية الذي سمعت به،مشهورة ضربته لا تخاف نبوته، أخرج بالعفو عنك لا أدخل بالعقوبة عليك؛ إني والله إن أدع قيساً تملأ الفضاء خيلاً ورجلاً، يا سبحان الله ما أكثرها وأطيبها ثم لم يزل في تلك الخطبة العصماء حتى خرج عليه كلب من الدار فاستلقى المسكين وقال " الحمد لله الذي مسخك كلبا وكفاني منك حربا"

كنت يا بشير أبا حية وكان سجعك الواهي بذاءة استهلال تسرب هواءها السام إلى بقية مقالك فتركه زبدا رابيا سيذهب كما سيذهب النظام الذي تدافع عنه جفاء " وأما ما ينفع الناس " فيمكث في الأرض.



أما تلخصياتك التي لم تك أبدا " تلخيص الحبير " فلم تكن جامعة ولا مانعة وإنما كانت نتفا مما كذبتك نفسك فيه حين زعمت أن لك قدرة على رده أو دفعه، وبقي الكثير مما غضضت الطرف فواصل غص طرفك " إنك من نمير"

ولعل أولى فقرة من مقالك التافه هي افتراضك أنني وصفت الجنرال " بالداهية والمفكر " والحق خلاف ذلك فما كان لي أن أصف جنرالك بالداهية ولو عدت إلى المقال لرأيت أنني لم أصف جنرالك المقال بالداهية وأنى له أن يكون كذلك بعد كل ما ارتكبه من حماقات واضحة وبينه وخطيرة بعد إطاحته الفجة بالشيخ الوقور وضربه عرض الحائط بالشرعية الدستورية ودوسه بحذائه الخشن على موريتانيا حاضرا ومستقبلا أتتصور أيها المسكين أنني سأصفك أو أصف جنرالك بالداهية أو المفكر،عد إلى المقال ونكس الرأس عنده واقرأ ثانية وثالثة ثم علقه تميمة لعلك تشفى من بعض الغرور.

أما النسوة اللائي قطعن أيديهم حزنا بعد أن عجزن عن تنفيذ دورهن المنوط فهو حقيقة أيضا لن تستطيع نفيها ولست محتاجا إلى تذكيرك بهن، فالأصل أن ليس لنا أن نصف السماء لمن لا يراها.

أما دعوتك المشكورة لي بالاعتذار إلى الشعب فهي أحدى الحسنات المغمورة في بحر الزيف الذي طفح به مكتوبك المسكين، نعم لنعتذر جميعا إلى الشعب وليعتذر إليه من هدد كيانه ومن باع أرضه وعرضه ومن أسقط نظاما منتخبا،ليقيم على أنقاضه دولة القرامطة والحشاشين، لم لاتعتذر أنت للشعب الموريتاني عن خطيئتك الكبرى حين تقف منافحا عن الباطل مدافعا عن الإفك الصراح حاملا راية الزيف الحمراء،نافشا ريشك المبتل للدفاع عن نظامك الاشرعي.

أما بخصوص أحياء الرباط ومالك البيت العتيق فأحيلك إلى ما كتبته جريدة " الجريدة الأولى " المغربية التي تحدثت عن الجذور المغربية لجنرالك متحدثة عن "آثار البيت الذي كانت تسكن فيه أسرة جد الجنرال ولد عبد العزيز قبل أن تغادره سنة 1945 متجهة إلى السنغال وموريتانيا. ويقع هذا المنزل في دوار السي المأمون الشهير بدوار النص بقيادة سيد المختار في إقليم شيشاوة بالمغرب كما تضمن الملف أيضا صورة للجنرال قبل أشهر مع الملك المغربي.

ومن الملفت للانتباه ما بذله محرر الملف من جهد لإثبات مدى قوة العلاقة التي تربط الجنرال بالمغرب: "خريج الأكاديمية العسكرية الملكية بمكناس"، "متزوج بمغربية تكيبر ماء العينين نور"، "تردده الدائم على المغرب"،ودعمه "لتقوية محور الرباط/نواكشوط"، مروره -في ختام زيارة رسمية سابقة للمغرب- بدوار السي المأمون "حيث ما زالت غرفة يتيمة مبنية من الطين والحجارة تقاوم الزمن شاهدة على ذكرى استعادت وهجها بعد أن أصبح ابن أحد الرجال الذين استوطنوا الدوار رئيس دولة"

أما استعراضك للقاء التاريخاني الذي جمع بينك وبين الجنرال عزيز فلا يبدو ذا بال ولن يحقق المراد منه فلأن كانت علاقة بعزيزك لاتتجاوز ذلك اللقاء فكن على ثقة أنه لن يتذكرك بمقالك التافه هذا، فاربع على نفسك، وأما اللطيفة التي سقتها حينما قلت إنك كنت حينئذ صغيرا فهي مما لافائدة فيه كما المقال كله، وبالتالي يمكن أن تتأكد يا صغيري أنه إذا كانت علاقتك بالجنرال تقتصر على هذا اللقاء التافه،فكن واثقا أن مقالك الأتفه لن يمكنك من ربط علاقات جديدة معه،كما أن صورتك لن تقفز إلى ذهنه من جديد بمجرد هذا المقال الخائر، فجنرالك في شغل عنك وعما تكيل وهو الآن في ورطة أقرب " إلى ورطة " مول الزيت " أو " حاطب الدشرة" كان لجنرالك منصب مرموق ومكان محفوظ فأراد أن يتجاوز كل ذلك، فوقع في الشباك وأدخل نفسه المهالك، وأصبح يتسول الوساطة من كل قريب وبعيد،كان عليه أن يعلم أن " العين لاتعلو على الحاجب " وأن الموريتانيين كما قال الزعيم محمد المصطفى ولد بدر الدين لم يكلفوه بالسهر على مصالحهم وإنما هو مجرد " كرداي " عند رئيس الجمهورية عليه أن يعيد رئيس الجمهورية إلى منصبه ولينم ملأ عينيه فلا الشعب الموريتاني يخاف بطشه ولا يرغب في مواهبه.

واللطيفة الثانية التي سقتها أيها الكاتب الصغير عن عراقة القوم الذي مروا من هناك فلاجدال فيها، من ذا يجادل في عراقة أي قبيلة من قبائل البلاد وشرفها ومروءتها وكرمها، تلك ياأخي سينفونية غير معزوفة في سياق جدالنا هذا، وترديدك لها ترديد لأسطوانه مشروخة، لاتفيد، لكن عرضك لها لم يكن عبثا، فأنت ومن ينفذ هذا الانقلاب يعمل بصيغة الواحد الذي يكتنز في جبته الجمع،والذي يقدم نفسه باعتباره ابن القبيلة التي يريد أن يحكم بها موريتانيا ويحقق لها المجد- رغم أنها لها منه ما يكفيها- لا أدل على هذه العقلية من تلك الوفود الغادية الرائحة التي زارت الشيخ الوقور رئيس الجمهورية في محبسه تريد منه بحق المصاهرة الكريم أن يستقيل من كرسيه، ثم لما رجعت خائبة الركاب خاوية الوفاض، يممت وجوهها شطر " لمدن " حيث حضرة أهل الشيخ عبد الله، لتواجه نفس الموقف، أعتقد أنك ملزم – مادمت تقدم نفسك منافحا عن الجنرال وحكمه وعراقه أصله وفصله- أن تعلم أن الشعب الموريتاني سيزف له كل باقات الاحترام لو تراجع عن خطوته الرعناء وعاد إلى رشده العازب،وضغط بحذائه على كوابح الانجراف وراء مستقبل غامض،سيجره إلى معادة الشعب الموريتاني ليس له هو فحسب وإنما للوسط الذي ينتمي إليه والحاضن الاجتماعي الذي يأوي إليه.

ثم تذكر أيضا أن عراقة الآباء وكرمهم لايعني أن يكون أبناؤهم معصوم فكم من سمي ليس مثله سميه وكم من ابن خالف نهج أباه،فأنت مثلا أيها الكاتب الصغير تحمل اسم البشير ولو رجعنا إلى دلالات البشير سواء الأصلية أو الاصطلاحية التي تعني النبي صلى الله عليه وسلم لوجدناك ظالما لهذا الإسم فأنت في دفاعك عن الجنرال تنعي الوطن والمواطن وتقدم شهادة وفاة للديمقراطية، كما أن عملك هذا ليس من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم فلم يكن نصيرا لظالما ولا مدافعا عن جبار متكبر.

أما بغدادك التي " شالت رأس النعامة " بين المدائن والقرى،فلم يجر على جانبها الفرات ولادجلة ولاسكنها الصحابة والتابعون ولا مرت منها خيول الفاتحين ولا حوت دار السلام ولا دار الحكمة، ولا ارتفع منها صوت الإمام أبي حنيفة ولا مر منها سيبويه ولا الخليل ولا المبرد، ولا أثارت غبارا للرشيد ولا شهدت مجلس علم للمأمون ولا لأحمد بن حنبل ولاتوضأ من مائها الجنيد ولا أقام بها الأشعري،فعن أي بغداد تتحدث ماهي إلا قرية من كل قرى البلد محبوبة لأنها تنتمي إليه،محوطة الجانب محمية الكنف بانتمائها إلى موريتانيا لا غير وسكانها سكان موريتانيون لا مزية لهم على الناس في هذا البلد هم سواء بسواء، ثم إن التسمية كما ذكرت لك لاتعني أن الإسم مطابق لما تسمى به وقد ضربت لك بك المثل واللبيب تكفيه الإشارة.

أما تعريضك بقبيلة "تندغه" أيها الكاتب الصغير دون أن يكون لها في هذا الجدال ناقة ولاجمل ولا حتى بقرة، فهو دليل أيضا على تهافت حجتك وسقوط هيبتك وضعف مستندك، فهلا تثبت أيها الكاتب الصغير، ثم كن على ثقة أيضا أن عناء المقارنة التي أشرت إليه غير وارد نهائيا،فليس من ديدني أن أقارن بين العشائر ولا أن أطلب النقيصة بينهم، الجميع أبناء موريتانيا، وفي خدمتها يتنافسون وعلى أرضها ولدوا ويموتون،فمنهم المؤتمن ومنهم المنقلب، ومنهم المنافح عن الحق ومنهم المتملق للباطل.

وحديثك التافه الذي أسال مداد قلمك المتخمر عن " الضرب تحت الحزام" فصرت تجول وتصول بأحرف قصيرات الأنفاس وجمل لامحل لها من الإعراب ولا الإعجام،ليس مما تبأى ولا مما تسد له ثغرة من جدار حجتك المتهاوي ولن يرد إليك طرفا من عباءة الزيف المتقلصة عن السوق والأعناق.

لم تكن مشكلة موريتانيا أبدا في ضعف سيدي ولد الشيخ عبد الله وقلة ناصره، بقدر ما كانت في قوة الجنرال الذي عجز أن يحول هذه القوة إلى مصدر شرعية.

لقد تصورت أيها الملاكم الصغير، أن الكتابة مثل الملاكمة فطفقت تستنجد بقاموسك ومعلوماتك عن هذه اللعبة وغير عجيب قطعا أن يكون عسكري أو تابع للعسكري مجيد للملاكمة عارف بأساليبها، لكن العجيب أن يحشر العساكر وأتباعهم أنوفهم في أمر السياسة وتسيير الشأن العام وتقديم النصائح والإرشادات والتنظير،

أما صخرة السادس من اغشت فقد كانت ولاتزال كثيبا مهيلا ستكسر أمام صمود الجماهير الرافضة للانقلاب والانقضاض على الشرعية ولن تكون في أحسن الأحوال أحسن حالا من صخرة سيزيف.

لنعد إلى ليلة السادس من أغشت التي استدعيتها لتؤكد أن الشيخ الوقور سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله قام بفعل غير شرعي عندما أطاح بقائد الحرس، ألا يفترض أيها الكاتب الصغير أن تحيل إلى المواد القانونية التي تثبت أن هذا الفعل غير مبرر، ثم ألا تتذكر أيها المسكين أن الشيخ الوقور هو القائد الأعلى للقوات المسلحة في موريتانيا، وأن إقالة جنرال هي أمر عادي مثل تحويل أي معلمة أو تعيين محاسب، لكن جنرالك الذي لايفهم غير مسلمة واحدة هي " أنا أوالطوفان " كان بين خيارين أن يقبل الاستقالة وأن يتظلم لدى القضاء وينتظر الحكم بشأنه فيكون حينئذ مواطنا صالحا، يعرف حدود الشرعية والقانون، أو أن ينقلب على السلطة فاختار الثانية لأن الأولى لم تدر له بخلد، لأنه في الأخير شخص غير محظوظ ولأنه إنما يفكر بدماغ دبابة على حد تعبير الأستاذ محمد فال ولد سيدي ميله.

أما حديثك عن الأزمة فدعني أعيدك القهقرى قليلا حتى تتضح الصورة، عندما جاء سيدي ولد الشيخ عبد الله إلى الحكم تم تغيير نظام الدورات البرلمانية بحيث أصبح بالإمكان عقد عدد كبير من الدورات الطارئة والعادية خلال السنة التشريعية،وقد عقدت خلال الفترة الماضية أكثر من 10دورات ما بين عادية واستثنائية، وللتذكير فقد كان أول ما اقترحته كتيبة النواب التابعة للحرس الرئاسي هو زيادة رواتبهم بحيث تصبح 1.300.000 في الحين الذي أعلن فيه الشيخ الوقور سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله عن تنازله عن ربع راتبه وكذلك أعضاء حكومته، ثم لم تحدث أي مشكلة حتى أحس الجنرالان أنهما أصبحا في خطر في ظل المواقف التي قام بها الشيخ الوقور والتي كان من أبرزها إعادة الإخوة المبعدين التي يعلم الجميع أنها لم تكن محل رضى من الجنرالين ( اقرأ بيان الضباط الأحرار) وكذلك قانون (تجريم الرق) والانفتاح على المحور الجزائري،والحفاظ على الحياد التقليدي في مشكل الصحراء،وتوسيع الأغلبية بقوى وأحزاب جادة،عكس نواب " الغذاء مقابل الانقلاب" أما الدورة البرلمانية غير الشرعية التي منحها من لايملك لمن لايعرف صلاحياته وماذا يريد فقد مثلت بالنسبة لجنرالاتك ومشاتهم من النواب حادث "المروحة" التي كانت سببا في احتلال فرنسا للجزائر إذا كانت تلك القصة قد طرقت لك مسمعا أيها الكاتب الصغير، ثم تذكر أن أعداد المشاة الغاضبين قد تناقص إلى ثلاثة وعشرين نائبا فقط ليلة السادس من أغشت، مما جعل جنرالاتك يعمدون إلى خيار الانقلاب الذي كان محسوما كما ذكرت لك في المقال يوم 9/ أو /10 / من شهر أغسطس عبر الثورة الشعبية التي كان جنرالك سيفتح لها القصر الرئاسي ويدخل حينئذ منحازا إلى الشعب لكن جنرالك غير محظوظ أبدا.

أما إقالة الجنرالات دفعة واحدة فهو الحل الذي لايمكن الحديث عن سواه بعد تحدي الجنرالات للشرعية وضربهم عرض الحائط بكل شرعية،وحينما قاموا بخرق الدستور والدوس على الشرعية،ماذا تنتظر لجنرالات مردوا على الدوس على كل القيم الديمقراطية والتنكر لكل العهود والأيمان التي قطعوها على أنفسهم،هل كنت تتوقع أن يتسمر مسلسل الانجراف إلى مالانهاية،ولتزداد معلوماتك كن على علم أن الشيخ الوقور كان على علم بالانقلاب لكن تصرف بمنطق العدل والشجاعة، فلم يحل البرلمان رغم أن صلاحياته تبيح له ذلك،حتى لايجد مشاة النواب فرصة للحديث عن تعطيل الديمقراطية، وإنما أقال عساكر يستحقون الإقالة،ثم دعني أسألك مادامت المشكلة تدافعا سياسيا بين الرئاسة والبرلمان،فما دخل الجنرال المقال في هذا التدافع، ثق أيها الفاضل أن قرار الإقالة الذي صدر في الليل – تماما كما شكلت حكومة الانقلابيين عبر الهاتف وأعلن عنها في الليل أيضا- كان القرار الشجاع والقانوني والشرعي، وأن قرار الإطاحة بالنظام الدستوري ممثلا في الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله هو القرار اللاغي قانونيا وعمليا طال المدى أم قصر.

ومحاولتك لرد الشائعات التي تقول إن الجنرال كان يريد تصفية ولد الطايع جسديا فدعني أنا أيضا أسألك هل خطط لذلك الانقلاب ليلة سفر ولد الطايع إلى السعودية فقط، أما قضية النسوة فبإمكانك أن تعود إلى داعمي الانقلاب وتتأكد بنفسك .

وبالنسبة لمصير الجنرال فكن واثقا تماما أنه لايزال بيد الشيخ الوقور ولا أدل على ذلك من محاولات جنرالك الحثيثة إقناع الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله بالاستقالة عبر كل الوسائل التي تعكس مستوى كبيرا من الإحباط وماوفود " العشيرة الكريمة " التي زارت الشيخ الوقور في سجنه،وأكدت له أن البلاد في أزمة وأن بإمكانه هو وحده حل هذه الأزمة وذلك عبر خيار واحد – كما يتصور هؤلاء أو كما لقنوا – وهو الاستقالة، فكان رد الشيخ عليهم حازما ووقورا " أعتقد أن الظرف والمكان غير مناسبين لمناقشة مثل هذه الأمور،وعموما فقد طرحت علي هذه المسألة من قبل محمد وقد أبلغته برأيي فيها وبإمكانكم أن تعودوا إليه" فلما رجعوا خائبين ولوا وجوهم شطر " لمدن ليجدوا ذات الجواب الهادئ الرزين، وما توسلات الجنرال قبل يومين إلى الرئيس الفرنسي ساركوزي بالوساطة في الأزمة إلا دليل واضح على تخبط جنرالاتك، وما قصص الرشاوى التي قيل إن رسل العسكر وزعوها بسخاء في الداخل والخارج إلا دليل على ذلك.

أما ما ختمت به مقالاتك من زبد الهراء التافه، فلا معنى له في الجملة، إلا ما سطره قلمك القزم، من أنكم تعتقدون " أن الجنرال وصحبه على الطريق الصحيح: وتجعلنا نفخر به ونعطيه معنا رائعا" إن من يستمد معناه الرائع أو المريع، منك سواء كنت جمعا في حكم المفرد أو مفرد في حكم اللاشيئ يبدو بكل أسف أنه " لامعنى له"

وحديثك عن صالح ولد حننا المهذب الشيق فهو الآخر لامعنى له،رغم أنك حاولت تلطيفه عبر طريقة " ليس من الوفاء ذكر الجفاء في أيام الصفاء" فلعلك تتذكر أن صالح ولد حننا قد انتزع كتيبة المدرعات قسرا من الجنرال الغزواني ونائبه ولد الطايع، ثم طرد بها جنرالك من القصر الرئاسي شر طردة، عندما ترك جنوده يواجهون حر النار التي يقذفها "الفرسان" على طريقة هشام بن الحكم.

ترك الأحبة أن يقاتل دونهم

ونجا برأس طمرة ولجـام

وأنت تعلم أن معاوية ولد الطايع هو الذي قاد الهجوم المضاد وهو الذي نسق الدفاع من مقر قيادة الحرس الوطني.

نعم وأنا مثلك أدعو الله سدد الله خطاه فطالما اعوجت عن الطريق وطالما حادت عن الصراط المبين وطالما داست على قيم الوطن،وطالما عرضت البلاد للخطر والحصار الاقتصادي والسمعة السيئة،نعم سدد الله خطاه، فإنها متباعدة متهورة تحتاج إلى تسديد وتقويم ومعالجة.

أما الجماهير التي تحدثت عنها والتي خرجت تبارك حركة " الإفساد" التي قادها جنرالك فليست مما يعتمد عليه، وليس لها من وجود، لا حقيقة ولا مجازا، ما هي إلا مجموعات من الأطر ومن الوجهاء الذين دأبوا على التصفيق وما هي إلا مجموعات من الموظفين الذين هددوا بالفصل إذا لم يذهبوا إلى مهرجان " الملعب الأولمبي" وأغلقت عليهم مكاتبهم، حتى لا ينصرفوا، إنها ذات الهتافات التي قامت التلفزة والإذاعة بإعادتها وتكرارها وفتحت لها الشعب صفحاتها لتكتب عن أسرة بني فلان وعلان ولتعيد القبلية المقيتة والجهوية السيئة، إنها الجماهير التي وعدت بالقمح والزيت قبل أن تعدو عليه أيدي المسؤولين فتبيعه في سوق الفحم بأثمان بخسة، إذا ما تحدثت عن الجماهير فالتفت إلى الضفة الأخرى تذكر أنه خلال هذا الأسبوع فقط نظمت تجمعات مناوئة للانقلاب في توجنين والسبخة والميناء وفي امبود وسيلبابي وتجكجه، وتذكر آخر مسيرة مساندة لجنرالك الذي يحتاج بالفعل إلى سند،جاء الكثير إلى جنرالك خوفا وطمعا فلما خارت قواه أمام الرفض الداخلي والحصار الخارجي انفضوا عنه لا يلوون على شيئ.

أما الحلم الذي تتحدث عنه فقد غاض ماؤه وأصبح هشيما تذروه الرياح فاحزم أنت وجنرالك حقائب الرحيل فأنتم راحلون، وأما كلمتك الختام البائسة التي طلبت فيها من جنرالك وصحبه أن يسمعوك لحنا واحدا فقد أفدت فيها وأجدت عندما حولتهم إلى ضباط إيقاع لا أكثر. ثق إنهم راحلون وعن حماية أنفسهم عاجزون أحرى بناء الوطن والدفاع عنه.

عزيز مصركم ليس العزيز ولن

يكتال لي لست أرضاه لها رجلا

وكن في الختام واثقا أن صوتك المبحوح مهما علا لن يحرك شفتيك ولن يبلغ صداه أذنيك أحرى أن يكون له رجع صدى أو أن يغير شيئا فمقالك صفر في الشمال.

ونصيحتي لك أن تكسر قلمك، وأن تمزق أوراقك السوداء، وهذه واحدة إن تستسغها تستسغ علقما يقطع أمعائك وإن تعد عدنا.. إنا إذا نزلنا بساحة قوم،فساء صباح المنذرين

الجنرال الذي يحالفه الحظ


الجنرال الذي لايحالفه الحظ
عبد الله ولد محمد
m.abad1970@gmail.com


نفث الأفعوان العجوز آخر قطرات السم وارتمى على مقعده بعد أن كادت النفثة الأخيرة تأتي عليه،لقد أتت عليه السنون حتى لم يبق منه إلا تغضنات جسم ناحل خفيف العارضين كما يبقى من ضئيلة من الرقش في أنيابها السم ناقع
وانتهى كل شيئ كان الأفعوان يتحسس ذقنه،ويؤكد أن خطة الانقلاب قد اكتملت أيما اكتمال،وأنها بالفعل سوف تأتي أكلها وتسقط ذلك الشيخ الوقور في أحابيل الثورة الشعبية العارمة،بصم الأفعوان بأصابع الرضا العشر على خطته،وانطلق مسرورا إلى حيث يضرب الثور الهائج كرسي ملكه ويحيط نفسه بأتباعه وجنده وشرع الثور في التنفيذ،كانت بيادق النواب والعمد وأغلبية الوزراء على استعداد تام وفي انتظار صفارة الانطلاقة كان الجميع يضع أيديه على ركبه ويقدم رجل الانطلاقة،على الجانب الآخر كانت بعض السيدات التي رضي عنهن الجنرال الهائج من قريباته قد أعددن العدة،حيث تم تكليفهن بتشكيل لجنة شعبية سوف تقوم باستئجار الآلاف من الجائعين في الكبة وغيرهم وتمثيل مسرحية الثورة الشعبية،حينما يتدفق الآلاف إلى القصر الرئاسي يحملون صحونهم الفارغة في الوقت الذي سيطالب فيه غالبية الوزراء والعمد والنواب بإقالة الرئيس بتهمة الفساد،عندها سيتدخل الجنرال الأرعن ويفتح أبواب القصر الرئاسي ويمسك برقبة الشيخ الوقور ويحيله إلى السجن استجابة لرغبة الجماهير،ستضاف نقطة جديدة إلى العسكر الذي يطلعون كالفجر دائما ليستجيبوا لتطلعات الشعب، ولتسجل التجربة الموريتانية رصيدا إضافيا عندما تقوم " ثورة الجياع " بإسقاط الرئيس، لقد كان الأفعوان يحاول استنساخ تجربة رومانيا عند خرج الشعب في ثورة عارمة ضد نظام الرئيس نيكولاي اتشاوسسكو وزوجته إيلينا حيث وجدا أنفسهما في الأخير تحت رحمة الآلاف من الجائعين وتحت حكم قضائي بإعدام شكل الفصل الأخير من مسرحية الشعب والثورة والاستبداد، كان المرابط الذي يتولى وزارة الدفاع تحت أمرة شيخه الجنرال الغزواني سيجيب الرئيس عندما يطلب منه قمع الجائعين " سيدي الرئيس أنا آسف لايمكن للجيش أن يقتل الشعب "، تماما كما أجاب وزير الدفاع الروماني رئيسه الدكتاتور اتشاوسسكو، أما الجنود الذين أصدر لهم الجنرال الأمر بعدم التعرض " للجائعين " فعلى الطريقة الإيرانية كانوا سيضعون الأغصان الخضراء على فوهات بنادقهم إيذانا بأن الثورة الجائعة تحظى بمباركة الجنود الشرفاء،هكذا كان يفكر الجنرال الأرعن والأفعوان العجوز،وهكذا كان كل شيئ متفقا عليه، كان الأراجوز شيخنا ولد النني يهدد بأنه " إذا حل البرلمان فسننزل للشارع" بينما كان ولد داداه يراقب الأمر عن كثب قبل أن ينخرط في مسيرة التضامن مع " الثورة الشعبية المفترضة" ولكي يكون الأمر أكثر تماسكا،كان ثمانية آلاف من منسوبي قطاعي الأمن والجيش على أتم الاستعداد للمشاركة في ثورة الجياع زيادة للغاضبين ضد ولد الشيخ عبد الله.
إلى هذا الحد كان كل شيء يسير بنجاح، لكن الجنرال الذي لايحالفه الحظ كان على موعد مع خبر غير سار وهو إقدام الشيخ الوقور سيدي ولد الشيخ عبد الله على إقالته وإقالته أتباعه الثلاثة،وكما كانت خطة الجنرال والأفعوان قوية ومتماسكة، كانت ردة فعل ولد الشيخ عبد الله قوية ومتماسكة، وكارثية بالنسبة للجنرال الأرعن، لم يقم ولد الشيخ عبد الله باعتقال المتآمرين،ذلك أن للجريمة عنصرا ماديا لا بد من توفره، وإنما استعان بنقطة بسيطة من صلاحياته وهي إقالة الجنرالات،ليجد الجنرال الأرعن أنه كان ينسج بخيوط العنكبوت،وأن تفكيره كان قريبا من تفكير" تيبه"،وأخيرا قرر الجنرال الأرعن أن يواصل مسيرة التحدي ليجد نفسه في ورطة لامخرج منها إلا بالتراجع بما يعنيه من نهاية مزرية،أو الاستمرار في نظام مشنوء من الداخل مرفوض من الخارج، يعتمد على طبقة سياسية مترهلة مثل رمال نواكشوط إذا الريح مالت مالت حيث تميل.

كان الجنرال يرتب أوراقه ويصفف بقية شعره المنحسر عن جبهته، كل شيء سيكون تحت القبضة،الشعب الذي سينتفض ضد الشيخ الوقور،كتيبة النواب والعمد ومشاة الأحزاب السياسية، كان ولد المعلى سيدبج قصيدة قوية،تؤكد أن الشعب هو من قرر أن حكم ولد الشيخ عبد الله " لاغ قانونيا وعمليا"، لكن الرياح جرت بما لايشتهيه الجنرال الأرعن ولا حتى الأفعوان العجوز.

على الجنرال أن يواجه مصيره الذي صنعه بغطرسته وغروره، وعمالته للمخزن المغربي،وعليه أن يضع خطة نهوض اقتصادية تستعبد التمويلات التي كانت متوقعة لتسيير الفترة الانتقالية ودعم الحركة التصحيحية حتى تقف على سوقها المنخورة،كل شيء قد انتهى ووقعت الفأس في الرأس وأصبح على الجنرال مواجهة العالم كله والشعب كله،دون أن يجد نصيرا غير ثلة من المتسمحين بالأحذية،ومثقوبي الحناجر وباعة الهواء السام،ومن الوجوه الإبليسية المتكلسة التي تشبه أعجاز نخل خاوية، استنفدت أعمارها الافتراضية في التصفيق والتهريج لكل نظام جديد.


مسيرة من الحظ المتعثر


الجنرال الأرعن ولد عبد العزيز كان في كل مرة يثبت أنه شخص مكدود وأنه حظه تعيس للغاية وأنه سيزيفي الطبع والنتيجة،حتى عندما كان يكلف نفسه الدفاع عن نفسه كان يبدو كالغريق الذي يقطع كل حبال النجاة التي تمد إليه،ثم يحاول لاحقا التمسك بها، فتفلت من بين يديه كدراهم المتنبي.
عندما أقدم الجنرال الأرعن على الانقلاب على سيده معاوية ولد الطايع الذي اصطفاه وقربه نجيا له وكبيرا لحرسه،كانت طبيعة الموازانات العسكرية وطبيعة الوضع الجديد، تقتضي أن يظل كبير الحراس في الدائرة المظلمة، لتكون الرئاسة والمجد والشهرة وما يترتب عليهما من نصيب العقيد اعل ولد محمد فال رغم أنه لم يبذل في سبيل ذلك قطرة عرق واحدة،وليجوب العالم كله يحمل معه سلة المساعدات، كما تنطلق السيدات في عصر قديم وهن يجمعن " الفسخة " لليوم الموعود.

عندما قرر الجنرال أن ينتحر أسلم إلى محمد كريشان قبض روحه فلم يشفق الصحفي التونسي على روح الجنرال الأرعن التي سلها كما يسل الصوف المبلول من السفود،ثم لم يزل يستلها استلالا فظيعا مرة يرميها إلى حقويه ثم يمكث فترة وهو يسمح له باستعادة أنفاسه التي سيعود اكريشان ويقبضها قبضا شديدا أيضا مرة أخرى.


الجنرال الدموي

عندما صرح الجنرال الهائج بأن ماقام به لم يكن إلا ردة فعل ضد فساد النظام السابق كما يصفه،كان يؤكد أن كل شيئ لم يكن مدروسا وأنه العقلانية كانت بعيدة جدا من الحضور في تفاصيل ممارسة الانقلاب والإعداد له وإنما هو الغرور وحده والاعتداد بقوة سيتبين لاحقا أنها غير موجودة.

وكان الجنرال أقل توفيقا وأكثر صفاقة وأقرب إلى الانتحار،حينما قال إن الرئيس السابق بقراره القاضي بإقالة الجنرالات كان يدعو إلى الحرب الأهلية وإلى الاقتتال بين ضباط الجيش،كان الجنرال المضحك يؤكد استعداه لتفجير أنهار من الدم حتى لاتتم إقالته وإزاحته عن منصبه الذي يعتبره إرثا تليدا من تراث آبائه وأجداده يحميه بدمه وماله وكان الأولى له أن يعود إلى " بيته العتيق المكون من غرفة واحدة في الحي التقليدي في الرباط حيث أصبح حفيد مالك ذالك البيت الرجل الأول في موريتانيا على حد تعبير جريدة الصباح المغربية، وفي هذا التصريح كان الجنرال يجدد ذات المقولة التي عبر عنها عشية الإطاحة بنظام ولد الطايع عندما دعا الضباط المشاركين في الانقلاب إلى تصفية ولد الطايع جسديا وهو الخيار الذي أجمع العقداء على رفضه رغم أن الجنرال الهائج دافع عنه بقوة
مرة أخرى أثبت الجنرال أن حظه متعثر وبدا كمن أصيب بنوبة صرع عندما تضغط السعال على المصروع وتلتصق يداه بعنقه في مشهد غاية في البشاعة.

وعندما أطبق العالم كله على الرفض القاطع لعملية القرصنة التي قادها الجنرالان وزمرة العقداء ضد النظام المنتخب،لم يعد العالم مستعدا للخديعة مرة أخرى، ولم يعد بإمكان الجنرال أن يعيد تجربة خاله العقيد اعل ولد محمد فال عندما قال إنه وجد " البلاد مثل البقالة التي ملأت من العلب الفارغة " ليقود بذلك أكبر حملة تسول في العالم أنتجت تمويلا مجزيا للفترة الانتقالية وامتداداتها قبل أن يأتي الزين ولد زيدان ويعلن أنه هو الآخر وجد الخزينة خاوية على عروشها قبل أن تتدخل سلطة العسكر وتمنع على كل الحديث عن ماضي العسكر وتسييرهم للشأن العام.
أما الآن فبدا أن حظوظ الجنرال في تمويل للفترة الانتقالية غير المحددة أصبحت تحت الصفر وينبغي أن يتم التنقيب عن مصادر تمويل أخرى، أو تتم العودة إلى الخزائن التي نهبت من ميزانيات الجيش والحرس، أو تم الاستعانة بسيدنا الملك أو الأخ القائد القذافي، فيما يبدو أنها عملية إفلاس مالي ستواكب الإفلاس السياسي والأخلاقي الذي يتربع النظام على عرشه




الرشوة المفضوحة.


شباك الجنرال لاتصيد إلا الحجارة والثعابين فعندما قرر أن يتوجه إلى الرشوة وشراء الذمم، لم يحالف رسله التوفيق عندما اتصلوا ببعض الشخصيات والأطر التي لم تكن لتبيع نفسها في صفقة سيئة مع نظام ولد محتضرا ولذلك بادرت إلى فضح تلك الممارسات، مطلعة الرأي العام على النموذج العسكري في محاربة الفساد.

الجنرال الأرعن على حد تعبير حنفي ولد دهاه شخص معقد،يرفض العالم التعامل معه ليس حبا في الشيخ الوقور سيدي ولد الشيخ عبد الله، ولكن لأن مصالح العالم تقتضي التعامل مع الأشخاص والأنظمة المتزنة وليس مع الجنرالات المتهورين الذين يهدمون في ردة فعل سيئة التوقيت والإخراج ما تم بناؤه في ثلاث سنين.


هكذا ستكون النهاية

يمكن القول إن ولد الشيخ عبد الله قد سدد للجنرال ضربة قوية تحت الحزام،وأن مصير الجنرال الأرعن لايزال بيد الشيخ الوقور، وأن قرار الإقالة لايزال ماضيا جدا وسيتم تنفيذه إما عبر ردة الفعل المحسوبة التي تقودها جماهير الشرعية أو ردة فعل أخرى تقوم بها المؤسسة العسكرية حيث لتصحح بذلك انحرافات الجنرالين الشابين المتهورين،العشرات من العقداء والضباط الذين نالوا رتبهم قبل أن يتجاوز الجنرال المغرور عتبة الجندية مقتنعون جدا بأن الجنرال يقود البلاد نحو الهاوية والآلاف من المواطنين سيصرخون في وجه هذا الثور الهائج يسقط ولد عبد العزيز كما سقط دكتاتور اتشيلي أوجستو بينوشيه، وتؤكد أيها الجنرال أن مصيرك مهما طال لن يكون أحسن من مصير الجنرال الفنزويلي بيدرو كارمونا،كلاكما سيفر إلى سفارة يحتمي بها ويطلب حق اللجوء السياسي منكم من قد يجده ومنكم من سيرد إلى المحاكمة ليجد الجزاء الأوفى.

آسف أيها الجنرال .. أنت دائما غير محظوظ

إلى العقيد أحمد ولد داداه
عبد الله ولد محمد
m.abad1970@gmail.com

سيدي العقيد المحترم أحمد ولد محمدن ولد داداه بعد ما ترون أنه يليق بكم بعد انقلاب الجنرال من الإكبار والتقدير أبعث إليك بهذه الرسالة.


أبعث إليك أيها العقيد بهذه الرسالة ولأنك قد تجد صعوبة في قراءتها،أوقد لاتقرأها لأسباب لست وإياك في وارد تفصليها،اخترت أن تكون مفتوحة يقرأها من يشاء.
المهمة ياسيدي العقيد أنك قد " كشحت الحشيشة " بينك ومن كانوا يعتقدون أنه لاتزال فيك بقية من صمود ومبدئية ولو كانت قليلا كصبابة الإناء يتصابها صاحبها،آلاف المواطنين في دورهم العامرة وفي أكواخهم المحدودبة وفي سيارات الأجرة وأرصفة الشوارع يأسفون لانتحارك على أسوار القصر الرئاسي،ولأنك لم تشأ إلا أن تموت على مرأى ومسمع من العالم كله،حيث أسلمت إلى قناة الجزيرة تولي قبض روحك السياسي وإزهاق أنفاسك ليشاهدك الجميع وأن تسلم الروح إلى باريها في مشهد مقزز ومؤسف.

اسمح لي أن أكون واحد من هؤلاء كما سمحت لنفسك أن تكون واحدا من اولئك الذين لم يعودوا يرعون للديمقراطية عهدا ولاذمة ولايراعون لها حق صحبة ولاجبر خاطر،واسمح لي أن أناديك بهذه الإسم الذي يناسب المرحلة تماما كما يناسب المقام والمقال.

لن أناديك بزعيم المعارضة فقد انتقلت من مرابعها إلى خضراء دمن الموالاة الشاحبة،ولن أناديك بالمناضل فأحمدنا المناضل دفنته على أسوار القصر الرمادي صباح الثالث من أغشت 2005 ثم لم تنقل رفاته على الأقل إلى " البعلاتية" حيث مدافن الصالحين ومأوى الرعيل الأول من آبائك وإخوانك وحسن أولئك رفيقا" وبالمناسبة دعني وإياك نفق دقيقة صمت ترحما على روح ذلك الأحمد الكريم.

كما أني لن أدعوك باسم السياسي أيضا فقد أثبت فشلا ذريعا في ممارستها،ولم تستطع تهجي الأخلاق التي اقترحها ميكيافيلي على السياسيين ليؤكد لهم استبطانا أنهم في الغالب رجال أغبياء يحتاجون إلى دروس في السياسة،كما لم تستفد على الأقل من تأطير هوبز للطبيعة الإنسانية التي جعل من الإنسان فيها ذئبا لأخيه الإنسان،أما أنت فقد كنت في السياسة " عبد الرحمن " الذي أراد أن يشرب كل ماء الأضاة حتى يصل إلى بقرات حاصرهن الماء فيها فلم يصل إلى البقرات ولم يرجع بنفسه بل ابتلعته الأضاة لأن تحليله للوضعية لم يكن سليما تماما كما هو حال تحاليلكم بعد الانقلاب وبعده وأثناءه.

حضرة العقيد دعني أتجاوز الكلمات العادية في تحية العساكر لن أقول لك .. احترام حضرات.. كما ينادي الجنود قادتهم لأني لم أعد أثق أنه بقي شيء يستحق الاحترام، موقفكم سيدي العقيد كان زلزالا كان صاعقا.. سيدي العقيد أنا آسف لم أجد أي كلمة تليق بحجم الكارثة السياسية وحجم الارتكاسة التي ارتكبتموها ذلك الأربعاء الأسود وأنتم تصدرون بيان المساندة للانقلابيين حتى قبل أن تعرفوا هل سيحلون الأحزاب أم لا... هل سيقطعون آذان الجماهير ... دعني أعيد سؤال محمد اكريشان.. لو كنت رئيسا هل كنت ستعترف بالانقلاب" ودعني أيضا استبعد إجابتك لأنها غير مقنعة وللإجابة على هذا السؤال يمكن القول وبكل بساطة أن إقدامكم على تلك المساندة في ذلك التوقيت المتعجل لايجد غير تفسير واحد،أنكم كنتم على علم أصلي بالانقلاب وأنكم كنتم شركاء فيه،عندما تعترفون بهذه الوضعية فسوف تسهمون في تجلية حيثيات الانقلاب،أعتقد أنها ستكون المساهمة الوطنية الوحيدة التي يمكن الاعتراف بها لحزبكم الذي تفترضون أن الشرعية تتوجه معه أنى توجه.


سيدي العقيد لنناقش الحجج الداحضة التي تقدمتم بها في مرافعاتكم التاريخانية في الجزيرة الفضائية والجزيرة نت عندما زعتم أن البلد كان في حالة احتقان سياسي، أيها المسكين عن أي احتقان تتحدث، هل تم اعتقالكم وسجنكم في بومديد التي تقدمون الآن فروض الطاعة لسيدها الغزواني،وهل حبستم في واد الناقة هل اتهمتم في اكراب واحد " هل حل حزبكم،فاحتاج المناضلون إلى ترخيص حزب وتنصيب قيادة مؤقتة وتنظيم مؤتمر استثنائي يعيدكم على رأس الحزب الجديد،سيدي داداه أن الاحتقان السياسي الذي تحدثت عنه كان واضحا جدا في اللقاء الشهري الثابت لكم مع رئيس الجمهورية سيدي ولد الشيخ عبد الله والذي لم يتأخر عن موعده أي يوم،وهو اللقاء الذي كان متاحا لكم في أي وقت طلبتموه،لتكون أنت يا حضرة العقيد من يعلن عن توقيفه بعد أن حسمت أمر المؤامرة وقدمت نفسك شريكا في انقلاب يمكن القول بكل صراحة أنه عار شديد وشنار وأن المشاركين فيه هم مجموعة من الخونة للأرض والعرض والعهود والمواثيق وأنت ياحضرة العقيد ضمن هؤلاء المشاركين قطعا.

لاتتوقع أن تظل الأكف في دوامة تصفيق حاد لكل ما تنطق به من كلمات ومن خطب لاتساوي في الغالب الحبر الذي كتبت به، كماأنها تمثل في الغالب إساءة بالغة للورقات التي تحملها، كما لاتتوقع أن نردد لك أهازيج المعلومة فنحن للأسف لم نعد نحتاج بطلا مثلك " ياحمد " فتجربتكم المتواضعة أثبت أنها مجهرية جدا وغير صالحة للمنافسة.

قطعة غيار سياسي

سأعيد عليك مقطعا كنت قد كتبته عنك بداية هذه الأزمة ، أعتقد أنه لايزال يعبر عنك أيها العقيد

"ولد داداه زعيم المعارضة الرجل الصالح الذي يحفظ القرآن كاملا ويجيد أداء الصلوات والشعائر الفردية للإسلام والذي تخرج من أول مدرسة لصناعة القادة في البلد وهي مدرسة أخيه غير الشقيق المختار ولد داداه،يعود اليوم إلى ذات المربع الذي خيب آماله ويمارس ذات اللعبة التي أثبت فشله فيها في السابق عندما قبل أن يكون بيدق اختبار لاستعداد الموريتانيين لتقبل إطالة الحكم العسكري، قبل أن يكتشف العقداء في سيدي ولد الشيخ عبد الله الميزات التي ستغينهم عن ولد داداه وتعيده إلى مربع المعارضة بعد أن أصبح في نظر العسكر قطعة غيار سياسي يمكن الاستعانة بها عند الاقتضاء.
ولد داداه الذي يتربص به خصومه السياسيون وربما أتباعه من داخل الحزب ريب المنون حتى تخلو الساحة من عملاق لا يريد أن يبرح مكانه في الزعامة والسيطرة يجدد اليوم ذات الطريق ويعود القهقرى بذات الخطوات المتباعدة والأنفاس المتلاحقة ليدخل في حلف غير مقدس مع العساكر سعيا إلى ترويض العجوز الثائر سيدي ولد الشيخ عبد الله، مستعدا في سبيل ذلك لإسقاط الجمهورية وبناء كيان مسخ مشوه أنتجه زواج قد لايكون كنسيا للأسف بين العسكريين الغاضبين وبين مستودع البيادق الذي يمثله مستقلو لمرابط سيد محمود ويكون ولد داداه فيه الضرة الثالثة الراضية من القسم والمبيت بما سال من بين أًصابع الجنرالين المحكمة على عنق الرئيس ولد الشيخ عبد الله.
بنى ولد داداه للأسف جسرا من الأحلام على فقاعة الغضب التافه وعلى هوة الهواء التي تفصل الآن بين العسكر وولد الشيخ عبد الله،وهو الآن يطل من سماء الأحلام على القصر الرئاسي وربما يكون قد وضع معالم الدور الذي ستقوم به برجيت بدلا من السيدة خت بنت البخاري، ربما لإيمانه بأنه لن يكون أفضل حالا من الرئيس الذي يسود ولا يحكم.
بإمكان ولد داداه أن يواصل اللعبة إلى النهاية وأن يقنع المقربين منه بأن " عزيز لم يكذب علي أبدا وإنه عندما كان ضدي كان قد أعلن ذلك صراحة، لقد كذب علي العقيد اعل ولد محمد فال فقط أما عزيز فلم آخذ عليه الكذب قط" لكن الخاسر الأكبر وحتى لو نجح في تحقيق أحلامه سيكون أحمد ولد داداه أولا ثم تكتل القوى الديمقراطية ثانيا ثم موريتانيا التي يبدو أنها لم تعد تحتل مساحة ذات بال من طموح ولد داداه الذي طالما ملأ الشوارع من صوره وشعاراته التي تؤكد أن " طموحنا لموريتانيا

عزيز سيكذب عليك كما كذبت عليك نفسك وكذبت على موريتانيا وسترحل أنت وإياه إلى مزبلة التاريخ جراء مؤامرتكما السيئة وجراء بحثك أنت عن الشوط الثالث الذي بعد أن كذبت نفسك وخادعتها عندما قلت إن الانتخابات كانت مزورة، أنها لمهزلة لاتستحق التعليق

عن أي فساد تتحدث

حضرة العقيد أؤكد لك أنه لو جرب الناس تسييرك للأمور لاطلعوا منك على بوائق تشيب لها الولدان، ويكفي أيها العقيد أن نعلم جميعا أن من لم يحسن تسيير مؤسسة المعارضة لاتتجاوز ميزانيتها بضع ملايين من الأوقية لايمكن أن يتحدث عن الفساد، ودعني أيها العقيد أضرب لك مثالا وأتحداك في نفيه، هل تستطيع الإنكار أنك استوليت على راتب موظف بسيط من موظفي مؤسسة المعارضة خلال أشهر أكتوبر فبراير مارس،رغم أن الراتب زهيد جدا ولايتجاوز 130 ألف أوقية شهريا وتعويضات السكن،لست في حاجة بالطبع إلى تذكيرك باسم الموظف فأنت تعرفه حق المعرفة وهو أيضا يعرفك.

سيدي أحمد ولد داداه أنت تعلم والناس تعلم أنك لم تنتفض من أجل الفساد، خصوصا أن من يضم إلى جانبه عبد الله السالم ولد أحمدوا والداه ولد عبدي ومحمد عبد الرحمن ولد أمين، ومحمد ولد ابيليل يفترض أن لا يكون أول من يتحدث عن الفساد، خصوصا إذا كان حزبكم أيها الكريم قد حصل قبل أقل من شهر على شهادتي أسوأ تسيير بلدي في نواكشوط، زفتا إلى عمدتيكم في تيارت ولكصر.

لنتحدث يا ولد داداه بصراحة فائقة .. قل إنك لا تزال تتشوف إلى كرسي في القصر الرئاسي، وأن السنوات الخمس التي كان يفترض أن يكملها ولد الشيخ عبد الله على كرسي الحكم كانت ستباعد بينك وبين ذلك الكرسي، بحكم عامل السن الذي تخب بك نجائبه إلى السبعين فما فوق وتباعد بينك وبين الرئاسية كما بوعد بين المشرق والمغرب، كل هذا جعلك تكفر بهذه الديمقراطية التي تحدد أعمار الرؤساء وألوانهم، لتجد في العسكر الغاضبين فرصة لتحقيق نصف الحلم باعتبار أن ما لايدرك كله لايترك جله.

دعني أتوجه إلى الجمهور : أيها السادة إن زعيم المعارضة في غاية الاستعداد لتولي منصب وزير أول في ظل نظام يقوده الجنرال عزيز ولاداعي حينها للانتخابات، لكن للأسف العسكر لايريدون ذلك،والرجل المسكين يريد أن يسلك ذات الطريق التي سلكها بعد الثالث من أغشت عندما أراد أن يتحالف مع اعل ولد محمد فال من أجل تطويل المرحلة الانتقالية مقابل منصب الوزير الأول.

حضرة العقيد أحمد ولد داداه التاريخ لايرحم وتاريخ أنت بالذات لايستحق الرحمة لأنه بالجملة تاريخ الغدر والتلون الشديد، والاستبداد والسعي وراء المصلحة الذاتية فقط هي ذات المصلحة التي فرقت بها جبهة أحزاب المعارضة بعد أن جاء بك موسى افال وببها ولد أحمد يوره من جمهورية أفريقيا الوسطى، لتكون نذير شؤم على المعارضة التي كرستها للاستبداد وأشعلت بينها فتيل الفرقة عندما توهمت أن الأحزاب والأطر السياسية هي ملك لرؤسائها، دون أن تتذكر أن تاريخك النضالي والوطني يبدأ من الأسابيع القليلة التي سبقت انتخابات 1992


حضرة العقيد ولد داداه، لقد ثقب الجنرال جنحرتك فطفقت ترقص كما يرقص الدراويش وتسبح بحمد حاكم لايستحق الصفع،وتتمسك بخيوط عنكبوت الأوهام الرئاسية، وتبني على الماء جسرا من الثرى وترفع حصنا من الفقاعات وتواري سوءة فعلك بفهم مستغرب على من هو في سنك وتجربتك.


عزائي وعزاء الشعب الموريتاني كله أنك لن تصل إلى الرئاسة قطعا فما كان الله ليجمع علينا الأزمات الاقتصادية والسياسية وحكم أحمد ولد داداه، وثقتنا في الله تعالى عظيمة جدا أنه سيستجيب لدعوات أمك الصالحة الطيبة حفصة بنت العلامة المجدد باب ولد الشيخ سيديا،والتي كانت تتوخى السحر ومظان الإجابة لتدعو الله بحرقة أن لايجعل لك في الرئاسة نصيبا ولاييسر لك إليها طريقا،تلك دعوات من أم حنون هي أعلم بك " وال احن من الأم كهان" وأملنا في الله أن يستجيب لها ويحول بينا وبينك رئيسا على البلاد ويباعد بينك وبين الرئاسة كما باعد بين المشرق والمغرب.
سيدي ولد داداه لو قدمناك إلى محكمة الضمير والتاريخ لما وجدا حكما أقسى مما حكت به أنت على نفسك من أن تحرق ماضيك وتذري رماده في العيون من أجل أن تصنع مركب البخار الذي ينقلب بك كل مرة على حافة الهدف ويعيدك القهقرى في سيزيفية مقيتة، وأن تتحول إلى كرة تتقاذفها الأقدام الخشنة للعسكر، أنت ياسيدي لم تعد تصلح لذلك فأنت شيخ مسن كان الأولى أن تأوب إلى رشدك وأن تبحث عن نهاية حميدة مثل تلك التي اختارها الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله.


أختم لك وللجنرال بكلمة قديمة لعبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب لما جيئ إليه برأس ابنه محمد النفس الزكية فقال لمن حمله إليك " قل لصاحبك الأيام دول .. وما مضى يوم من بؤسنا إلا مضى من نعميك يوم مثله وعند الله الملتقى " ومضى المنصور ومضى النفس الزكية وبقي التاريخ يروى قصص الخائنين والشهداء،فرحم الله أحمد ولد داداه المتوفي يوم الثالث من أغشت 2005وغفر لولد داداه الذي أكمل ثلاث سنين يوم السادس من أغشت، غير أن بين الفطام وسياسة أمر الناس بون شاسع،فابحث لك عن ظئر جديد فقد فطمتك السياسة وحرمت عليك مراضعها، فابحث لنفسك عن وطن جديد، بعد أن بعت الوطن بدراهم مغشوشة، وإلى أن نلتقي وإياك في انقلاب جديد ودعم جديد وموقف جديد مناقض لسابق مواقفك، أودعكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته/