السبت، 20 سبتمبر 2008

مع الجنرال وأزلامه رد على متسول صحفي





مع الجنرال وأزلامه

عبد الله ولد محمد


"دعني في البدء أعلفك تبنا وماء باردا قبل أن أسمك على الخرطوم وأكوي جنبيك وأسفك المل يا بشير "

نشرت صحيفة السراج اليومية في عددها رقم 565 الصادر بتاريخ 10- 9- 2008 مقالا للسيد الفاضل البشير ولد بياده خصصه الفاضل للرد على مقالي المنشور في ذات الصحيفة والذي حمل عنوان " الجنرال الذي لايحالفه الحظ" والذي نشره أيضا موقع الأنباء الإخباري،وبما أن المقال حوى بعض الأفكار المهمة والتعابير الرائعة التي تستحق المناقشة والتوقف والتعليق والقبول أو الرد رأيت أن من الواجب علي تجاه أخي الفاضل أن أعود إليه برد جميل يناسبه مقاله الذائع الصيت.

وفي البدء لايسعني إلا أن أؤكد أنني كنت بالفعل أتوقع الرد على " الجنرال الذي لايحالفه الحظ" لكن لم أكن أتوقع أن يكون بهذا المستوى من الضعف والركاكة والترهل الشديد الذي سقط صاحبه في أحابيل قد لايخرج منها سالما

" الآن انتهى علفك" واحمر الميسم فلنبدء في رد تفاهاتك وقبض روحك ونزح سقطاتك "وإذا مات بري ذو نفس سائلة براكد ولم يتغير ندب نزح بقدرهما لا إن وقع ميتا" وأعتقد أنك على وقعت على أم رأسك فاندق عنقك.



يمين " افنيده"



أيها البشير لم لم تف بأليتك وتكفي نفسك شر نسفك وذر رمادك في الهواء، ما يمينك الغموس إلا يمين " افنيده" المشهورة، أما سجعك أيها الكاهن المسكين فقد كان متقطع الأنفاس خائر المعاني ساقط الشكل واهي المضمون وكنت وإياه أشبه بأبي حية النميري وسيفه الكهام المدبب.

وأبو حية أيها المسكين رجل من أمثالك كان من القواعد من الرجال والخوالف الذين لايسيرون في غزو ولا امتيار ولا امتياح ولا في ارتياد كلأ وكان له سيف قصير مدبب كأنه العصا وكانت المغرفة أقطع منه،وكان يسميه " لعاب المنية " ، وكان من شأن الرجل أن دخلت بيته ذات يوم دابة فلما سمع جلبتها في المنزل انتضى سيفه لعاب المنية ووقف عند باب البيت وجعل يشهر سيفه ويقول أيها المغتر بنا والمجترىء علينا،بئس والله ما اخترت لنفسك،خير قليل وسيف صقيل،لعاب المنية الذي سمعت به،مشهورة ضربته لا تخاف نبوته، أخرج بالعفو عنك لا أدخل بالعقوبة عليك؛ إني والله إن أدع قيساً تملأ الفضاء خيلاً ورجلاً، يا سبحان الله ما أكثرها وأطيبها ثم لم يزل في تلك الخطبة العصماء حتى خرج عليه كلب من الدار فاستلقى المسكين وقال " الحمد لله الذي مسخك كلبا وكفاني منك حربا"

كنت يا بشير أبا حية وكان سجعك الواهي بذاءة استهلال تسرب هواءها السام إلى بقية مقالك فتركه زبدا رابيا سيذهب كما سيذهب النظام الذي تدافع عنه جفاء " وأما ما ينفع الناس " فيمكث في الأرض.



أما تلخصياتك التي لم تك أبدا " تلخيص الحبير " فلم تكن جامعة ولا مانعة وإنما كانت نتفا مما كذبتك نفسك فيه حين زعمت أن لك قدرة على رده أو دفعه، وبقي الكثير مما غضضت الطرف فواصل غص طرفك " إنك من نمير"

ولعل أولى فقرة من مقالك التافه هي افتراضك أنني وصفت الجنرال " بالداهية والمفكر " والحق خلاف ذلك فما كان لي أن أصف جنرالك بالداهية ولو عدت إلى المقال لرأيت أنني لم أصف جنرالك المقال بالداهية وأنى له أن يكون كذلك بعد كل ما ارتكبه من حماقات واضحة وبينه وخطيرة بعد إطاحته الفجة بالشيخ الوقور وضربه عرض الحائط بالشرعية الدستورية ودوسه بحذائه الخشن على موريتانيا حاضرا ومستقبلا أتتصور أيها المسكين أنني سأصفك أو أصف جنرالك بالداهية أو المفكر،عد إلى المقال ونكس الرأس عنده واقرأ ثانية وثالثة ثم علقه تميمة لعلك تشفى من بعض الغرور.

أما النسوة اللائي قطعن أيديهم حزنا بعد أن عجزن عن تنفيذ دورهن المنوط فهو حقيقة أيضا لن تستطيع نفيها ولست محتاجا إلى تذكيرك بهن، فالأصل أن ليس لنا أن نصف السماء لمن لا يراها.

أما دعوتك المشكورة لي بالاعتذار إلى الشعب فهي أحدى الحسنات المغمورة في بحر الزيف الذي طفح به مكتوبك المسكين، نعم لنعتذر جميعا إلى الشعب وليعتذر إليه من هدد كيانه ومن باع أرضه وعرضه ومن أسقط نظاما منتخبا،ليقيم على أنقاضه دولة القرامطة والحشاشين، لم لاتعتذر أنت للشعب الموريتاني عن خطيئتك الكبرى حين تقف منافحا عن الباطل مدافعا عن الإفك الصراح حاملا راية الزيف الحمراء،نافشا ريشك المبتل للدفاع عن نظامك الاشرعي.

أما بخصوص أحياء الرباط ومالك البيت العتيق فأحيلك إلى ما كتبته جريدة " الجريدة الأولى " المغربية التي تحدثت عن الجذور المغربية لجنرالك متحدثة عن "آثار البيت الذي كانت تسكن فيه أسرة جد الجنرال ولد عبد العزيز قبل أن تغادره سنة 1945 متجهة إلى السنغال وموريتانيا. ويقع هذا المنزل في دوار السي المأمون الشهير بدوار النص بقيادة سيد المختار في إقليم شيشاوة بالمغرب كما تضمن الملف أيضا صورة للجنرال قبل أشهر مع الملك المغربي.

ومن الملفت للانتباه ما بذله محرر الملف من جهد لإثبات مدى قوة العلاقة التي تربط الجنرال بالمغرب: "خريج الأكاديمية العسكرية الملكية بمكناس"، "متزوج بمغربية تكيبر ماء العينين نور"، "تردده الدائم على المغرب"،ودعمه "لتقوية محور الرباط/نواكشوط"، مروره -في ختام زيارة رسمية سابقة للمغرب- بدوار السي المأمون "حيث ما زالت غرفة يتيمة مبنية من الطين والحجارة تقاوم الزمن شاهدة على ذكرى استعادت وهجها بعد أن أصبح ابن أحد الرجال الذين استوطنوا الدوار رئيس دولة"

أما استعراضك للقاء التاريخاني الذي جمع بينك وبين الجنرال عزيز فلا يبدو ذا بال ولن يحقق المراد منه فلأن كانت علاقة بعزيزك لاتتجاوز ذلك اللقاء فكن على ثقة أنه لن يتذكرك بمقالك التافه هذا، فاربع على نفسك، وأما اللطيفة التي سقتها حينما قلت إنك كنت حينئذ صغيرا فهي مما لافائدة فيه كما المقال كله، وبالتالي يمكن أن تتأكد يا صغيري أنه إذا كانت علاقتك بالجنرال تقتصر على هذا اللقاء التافه،فكن واثقا أن مقالك الأتفه لن يمكنك من ربط علاقات جديدة معه،كما أن صورتك لن تقفز إلى ذهنه من جديد بمجرد هذا المقال الخائر، فجنرالك في شغل عنك وعما تكيل وهو الآن في ورطة أقرب " إلى ورطة " مول الزيت " أو " حاطب الدشرة" كان لجنرالك منصب مرموق ومكان محفوظ فأراد أن يتجاوز كل ذلك، فوقع في الشباك وأدخل نفسه المهالك، وأصبح يتسول الوساطة من كل قريب وبعيد،كان عليه أن يعلم أن " العين لاتعلو على الحاجب " وأن الموريتانيين كما قال الزعيم محمد المصطفى ولد بدر الدين لم يكلفوه بالسهر على مصالحهم وإنما هو مجرد " كرداي " عند رئيس الجمهورية عليه أن يعيد رئيس الجمهورية إلى منصبه ولينم ملأ عينيه فلا الشعب الموريتاني يخاف بطشه ولا يرغب في مواهبه.

واللطيفة الثانية التي سقتها أيها الكاتب الصغير عن عراقة القوم الذي مروا من هناك فلاجدال فيها، من ذا يجادل في عراقة أي قبيلة من قبائل البلاد وشرفها ومروءتها وكرمها، تلك ياأخي سينفونية غير معزوفة في سياق جدالنا هذا، وترديدك لها ترديد لأسطوانه مشروخة، لاتفيد، لكن عرضك لها لم يكن عبثا، فأنت ومن ينفذ هذا الانقلاب يعمل بصيغة الواحد الذي يكتنز في جبته الجمع،والذي يقدم نفسه باعتباره ابن القبيلة التي يريد أن يحكم بها موريتانيا ويحقق لها المجد- رغم أنها لها منه ما يكفيها- لا أدل على هذه العقلية من تلك الوفود الغادية الرائحة التي زارت الشيخ الوقور رئيس الجمهورية في محبسه تريد منه بحق المصاهرة الكريم أن يستقيل من كرسيه، ثم لما رجعت خائبة الركاب خاوية الوفاض، يممت وجوهها شطر " لمدن " حيث حضرة أهل الشيخ عبد الله، لتواجه نفس الموقف، أعتقد أنك ملزم – مادمت تقدم نفسك منافحا عن الجنرال وحكمه وعراقه أصله وفصله- أن تعلم أن الشعب الموريتاني سيزف له كل باقات الاحترام لو تراجع عن خطوته الرعناء وعاد إلى رشده العازب،وضغط بحذائه على كوابح الانجراف وراء مستقبل غامض،سيجره إلى معادة الشعب الموريتاني ليس له هو فحسب وإنما للوسط الذي ينتمي إليه والحاضن الاجتماعي الذي يأوي إليه.

ثم تذكر أيضا أن عراقة الآباء وكرمهم لايعني أن يكون أبناؤهم معصوم فكم من سمي ليس مثله سميه وكم من ابن خالف نهج أباه،فأنت مثلا أيها الكاتب الصغير تحمل اسم البشير ولو رجعنا إلى دلالات البشير سواء الأصلية أو الاصطلاحية التي تعني النبي صلى الله عليه وسلم لوجدناك ظالما لهذا الإسم فأنت في دفاعك عن الجنرال تنعي الوطن والمواطن وتقدم شهادة وفاة للديمقراطية، كما أن عملك هذا ليس من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم فلم يكن نصيرا لظالما ولا مدافعا عن جبار متكبر.

أما بغدادك التي " شالت رأس النعامة " بين المدائن والقرى،فلم يجر على جانبها الفرات ولادجلة ولاسكنها الصحابة والتابعون ولا مرت منها خيول الفاتحين ولا حوت دار السلام ولا دار الحكمة، ولا ارتفع منها صوت الإمام أبي حنيفة ولا مر منها سيبويه ولا الخليل ولا المبرد، ولا أثارت غبارا للرشيد ولا شهدت مجلس علم للمأمون ولا لأحمد بن حنبل ولاتوضأ من مائها الجنيد ولا أقام بها الأشعري،فعن أي بغداد تتحدث ماهي إلا قرية من كل قرى البلد محبوبة لأنها تنتمي إليه،محوطة الجانب محمية الكنف بانتمائها إلى موريتانيا لا غير وسكانها سكان موريتانيون لا مزية لهم على الناس في هذا البلد هم سواء بسواء، ثم إن التسمية كما ذكرت لك لاتعني أن الإسم مطابق لما تسمى به وقد ضربت لك بك المثل واللبيب تكفيه الإشارة.

أما تعريضك بقبيلة "تندغه" أيها الكاتب الصغير دون أن يكون لها في هذا الجدال ناقة ولاجمل ولا حتى بقرة، فهو دليل أيضا على تهافت حجتك وسقوط هيبتك وضعف مستندك، فهلا تثبت أيها الكاتب الصغير، ثم كن على ثقة أيضا أن عناء المقارنة التي أشرت إليه غير وارد نهائيا،فليس من ديدني أن أقارن بين العشائر ولا أن أطلب النقيصة بينهم، الجميع أبناء موريتانيا، وفي خدمتها يتنافسون وعلى أرضها ولدوا ويموتون،فمنهم المؤتمن ومنهم المنقلب، ومنهم المنافح عن الحق ومنهم المتملق للباطل.

وحديثك التافه الذي أسال مداد قلمك المتخمر عن " الضرب تحت الحزام" فصرت تجول وتصول بأحرف قصيرات الأنفاس وجمل لامحل لها من الإعراب ولا الإعجام،ليس مما تبأى ولا مما تسد له ثغرة من جدار حجتك المتهاوي ولن يرد إليك طرفا من عباءة الزيف المتقلصة عن السوق والأعناق.

لم تكن مشكلة موريتانيا أبدا في ضعف سيدي ولد الشيخ عبد الله وقلة ناصره، بقدر ما كانت في قوة الجنرال الذي عجز أن يحول هذه القوة إلى مصدر شرعية.

لقد تصورت أيها الملاكم الصغير، أن الكتابة مثل الملاكمة فطفقت تستنجد بقاموسك ومعلوماتك عن هذه اللعبة وغير عجيب قطعا أن يكون عسكري أو تابع للعسكري مجيد للملاكمة عارف بأساليبها، لكن العجيب أن يحشر العساكر وأتباعهم أنوفهم في أمر السياسة وتسيير الشأن العام وتقديم النصائح والإرشادات والتنظير،

أما صخرة السادس من اغشت فقد كانت ولاتزال كثيبا مهيلا ستكسر أمام صمود الجماهير الرافضة للانقلاب والانقضاض على الشرعية ولن تكون في أحسن الأحوال أحسن حالا من صخرة سيزيف.

لنعد إلى ليلة السادس من أغشت التي استدعيتها لتؤكد أن الشيخ الوقور سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله قام بفعل غير شرعي عندما أطاح بقائد الحرس، ألا يفترض أيها الكاتب الصغير أن تحيل إلى المواد القانونية التي تثبت أن هذا الفعل غير مبرر، ثم ألا تتذكر أيها المسكين أن الشيخ الوقور هو القائد الأعلى للقوات المسلحة في موريتانيا، وأن إقالة جنرال هي أمر عادي مثل تحويل أي معلمة أو تعيين محاسب، لكن جنرالك الذي لايفهم غير مسلمة واحدة هي " أنا أوالطوفان " كان بين خيارين أن يقبل الاستقالة وأن يتظلم لدى القضاء وينتظر الحكم بشأنه فيكون حينئذ مواطنا صالحا، يعرف حدود الشرعية والقانون، أو أن ينقلب على السلطة فاختار الثانية لأن الأولى لم تدر له بخلد، لأنه في الأخير شخص غير محظوظ ولأنه إنما يفكر بدماغ دبابة على حد تعبير الأستاذ محمد فال ولد سيدي ميله.

أما حديثك عن الأزمة فدعني أعيدك القهقرى قليلا حتى تتضح الصورة، عندما جاء سيدي ولد الشيخ عبد الله إلى الحكم تم تغيير نظام الدورات البرلمانية بحيث أصبح بالإمكان عقد عدد كبير من الدورات الطارئة والعادية خلال السنة التشريعية،وقد عقدت خلال الفترة الماضية أكثر من 10دورات ما بين عادية واستثنائية، وللتذكير فقد كان أول ما اقترحته كتيبة النواب التابعة للحرس الرئاسي هو زيادة رواتبهم بحيث تصبح 1.300.000 في الحين الذي أعلن فيه الشيخ الوقور سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله عن تنازله عن ربع راتبه وكذلك أعضاء حكومته، ثم لم تحدث أي مشكلة حتى أحس الجنرالان أنهما أصبحا في خطر في ظل المواقف التي قام بها الشيخ الوقور والتي كان من أبرزها إعادة الإخوة المبعدين التي يعلم الجميع أنها لم تكن محل رضى من الجنرالين ( اقرأ بيان الضباط الأحرار) وكذلك قانون (تجريم الرق) والانفتاح على المحور الجزائري،والحفاظ على الحياد التقليدي في مشكل الصحراء،وتوسيع الأغلبية بقوى وأحزاب جادة،عكس نواب " الغذاء مقابل الانقلاب" أما الدورة البرلمانية غير الشرعية التي منحها من لايملك لمن لايعرف صلاحياته وماذا يريد فقد مثلت بالنسبة لجنرالاتك ومشاتهم من النواب حادث "المروحة" التي كانت سببا في احتلال فرنسا للجزائر إذا كانت تلك القصة قد طرقت لك مسمعا أيها الكاتب الصغير، ثم تذكر أن أعداد المشاة الغاضبين قد تناقص إلى ثلاثة وعشرين نائبا فقط ليلة السادس من أغشت، مما جعل جنرالاتك يعمدون إلى خيار الانقلاب الذي كان محسوما كما ذكرت لك في المقال يوم 9/ أو /10 / من شهر أغسطس عبر الثورة الشعبية التي كان جنرالك سيفتح لها القصر الرئاسي ويدخل حينئذ منحازا إلى الشعب لكن جنرالك غير محظوظ أبدا.

أما إقالة الجنرالات دفعة واحدة فهو الحل الذي لايمكن الحديث عن سواه بعد تحدي الجنرالات للشرعية وضربهم عرض الحائط بكل شرعية،وحينما قاموا بخرق الدستور والدوس على الشرعية،ماذا تنتظر لجنرالات مردوا على الدوس على كل القيم الديمقراطية والتنكر لكل العهود والأيمان التي قطعوها على أنفسهم،هل كنت تتوقع أن يتسمر مسلسل الانجراف إلى مالانهاية،ولتزداد معلوماتك كن على علم أن الشيخ الوقور كان على علم بالانقلاب لكن تصرف بمنطق العدل والشجاعة، فلم يحل البرلمان رغم أن صلاحياته تبيح له ذلك،حتى لايجد مشاة النواب فرصة للحديث عن تعطيل الديمقراطية، وإنما أقال عساكر يستحقون الإقالة،ثم دعني أسألك مادامت المشكلة تدافعا سياسيا بين الرئاسة والبرلمان،فما دخل الجنرال المقال في هذا التدافع، ثق أيها الفاضل أن قرار الإقالة الذي صدر في الليل – تماما كما شكلت حكومة الانقلابيين عبر الهاتف وأعلن عنها في الليل أيضا- كان القرار الشجاع والقانوني والشرعي، وأن قرار الإطاحة بالنظام الدستوري ممثلا في الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله هو القرار اللاغي قانونيا وعمليا طال المدى أم قصر.

ومحاولتك لرد الشائعات التي تقول إن الجنرال كان يريد تصفية ولد الطايع جسديا فدعني أنا أيضا أسألك هل خطط لذلك الانقلاب ليلة سفر ولد الطايع إلى السعودية فقط، أما قضية النسوة فبإمكانك أن تعود إلى داعمي الانقلاب وتتأكد بنفسك .

وبالنسبة لمصير الجنرال فكن واثقا تماما أنه لايزال بيد الشيخ الوقور ولا أدل على ذلك من محاولات جنرالك الحثيثة إقناع الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله بالاستقالة عبر كل الوسائل التي تعكس مستوى كبيرا من الإحباط وماوفود " العشيرة الكريمة " التي زارت الشيخ الوقور في سجنه،وأكدت له أن البلاد في أزمة وأن بإمكانه هو وحده حل هذه الأزمة وذلك عبر خيار واحد – كما يتصور هؤلاء أو كما لقنوا – وهو الاستقالة، فكان رد الشيخ عليهم حازما ووقورا " أعتقد أن الظرف والمكان غير مناسبين لمناقشة مثل هذه الأمور،وعموما فقد طرحت علي هذه المسألة من قبل محمد وقد أبلغته برأيي فيها وبإمكانكم أن تعودوا إليه" فلما رجعوا خائبين ولوا وجوهم شطر " لمدن ليجدوا ذات الجواب الهادئ الرزين، وما توسلات الجنرال قبل يومين إلى الرئيس الفرنسي ساركوزي بالوساطة في الأزمة إلا دليل واضح على تخبط جنرالاتك، وما قصص الرشاوى التي قيل إن رسل العسكر وزعوها بسخاء في الداخل والخارج إلا دليل على ذلك.

أما ما ختمت به مقالاتك من زبد الهراء التافه، فلا معنى له في الجملة، إلا ما سطره قلمك القزم، من أنكم تعتقدون " أن الجنرال وصحبه على الطريق الصحيح: وتجعلنا نفخر به ونعطيه معنا رائعا" إن من يستمد معناه الرائع أو المريع، منك سواء كنت جمعا في حكم المفرد أو مفرد في حكم اللاشيئ يبدو بكل أسف أنه " لامعنى له"

وحديثك عن صالح ولد حننا المهذب الشيق فهو الآخر لامعنى له،رغم أنك حاولت تلطيفه عبر طريقة " ليس من الوفاء ذكر الجفاء في أيام الصفاء" فلعلك تتذكر أن صالح ولد حننا قد انتزع كتيبة المدرعات قسرا من الجنرال الغزواني ونائبه ولد الطايع، ثم طرد بها جنرالك من القصر الرئاسي شر طردة، عندما ترك جنوده يواجهون حر النار التي يقذفها "الفرسان" على طريقة هشام بن الحكم.

ترك الأحبة أن يقاتل دونهم

ونجا برأس طمرة ولجـام

وأنت تعلم أن معاوية ولد الطايع هو الذي قاد الهجوم المضاد وهو الذي نسق الدفاع من مقر قيادة الحرس الوطني.

نعم وأنا مثلك أدعو الله سدد الله خطاه فطالما اعوجت عن الطريق وطالما حادت عن الصراط المبين وطالما داست على قيم الوطن،وطالما عرضت البلاد للخطر والحصار الاقتصادي والسمعة السيئة،نعم سدد الله خطاه، فإنها متباعدة متهورة تحتاج إلى تسديد وتقويم ومعالجة.

أما الجماهير التي تحدثت عنها والتي خرجت تبارك حركة " الإفساد" التي قادها جنرالك فليست مما يعتمد عليه، وليس لها من وجود، لا حقيقة ولا مجازا، ما هي إلا مجموعات من الأطر ومن الوجهاء الذين دأبوا على التصفيق وما هي إلا مجموعات من الموظفين الذين هددوا بالفصل إذا لم يذهبوا إلى مهرجان " الملعب الأولمبي" وأغلقت عليهم مكاتبهم، حتى لا ينصرفوا، إنها ذات الهتافات التي قامت التلفزة والإذاعة بإعادتها وتكرارها وفتحت لها الشعب صفحاتها لتكتب عن أسرة بني فلان وعلان ولتعيد القبلية المقيتة والجهوية السيئة، إنها الجماهير التي وعدت بالقمح والزيت قبل أن تعدو عليه أيدي المسؤولين فتبيعه في سوق الفحم بأثمان بخسة، إذا ما تحدثت عن الجماهير فالتفت إلى الضفة الأخرى تذكر أنه خلال هذا الأسبوع فقط نظمت تجمعات مناوئة للانقلاب في توجنين والسبخة والميناء وفي امبود وسيلبابي وتجكجه، وتذكر آخر مسيرة مساندة لجنرالك الذي يحتاج بالفعل إلى سند،جاء الكثير إلى جنرالك خوفا وطمعا فلما خارت قواه أمام الرفض الداخلي والحصار الخارجي انفضوا عنه لا يلوون على شيئ.

أما الحلم الذي تتحدث عنه فقد غاض ماؤه وأصبح هشيما تذروه الرياح فاحزم أنت وجنرالك حقائب الرحيل فأنتم راحلون، وأما كلمتك الختام البائسة التي طلبت فيها من جنرالك وصحبه أن يسمعوك لحنا واحدا فقد أفدت فيها وأجدت عندما حولتهم إلى ضباط إيقاع لا أكثر. ثق إنهم راحلون وعن حماية أنفسهم عاجزون أحرى بناء الوطن والدفاع عنه.

عزيز مصركم ليس العزيز ولن

يكتال لي لست أرضاه لها رجلا

وكن في الختام واثقا أن صوتك المبحوح مهما علا لن يحرك شفتيك ولن يبلغ صداه أذنيك أحرى أن يكون له رجع صدى أو أن يغير شيئا فمقالك صفر في الشمال.

ونصيحتي لك أن تكسر قلمك، وأن تمزق أوراقك السوداء، وهذه واحدة إن تستسغها تستسغ علقما يقطع أمعائك وإن تعد عدنا.. إنا إذا نزلنا بساحة قوم،فساء صباح المنذرين

ليست هناك تعليقات: